سورة مريم - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
{أَوَلاَ يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن قَبْلُ} احتجاج على صحة البعث وردّ على من أنكره، لأن النشأة الأولى دليل على الثانية {لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين} يعني قرناءهم من الشياطين الذين أضلوهم، والواو للعطف أو بمعنى مع فيكون الشياطين مفعول معه {جِثِيّاً} جمع جاث، ووزنه مفعول من قولك: جثا الرجل إذا جلس جلسة الذليل الخائف {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ} الشيعة: الطائفة من الناس التي تتفق على مذهب أو اتباع إنسان، ومعنى الآية أن ينزع من كل طائفة أعتاها فيقدمه إلى النار، وقال بعضهم: المعنى نبدأ بالأكبر جرماً فالأكبر جرماً {أَيُّهُمْ} اختلف في إعرابه، فقال سيبويه: هو مبني على الضم؛ لأنه حذف العائد عليه من الصلة، وكأن التقدير: أيهم أشدّ فوجب البناء، وقال الخليل: هو مرفوع على الحكاية تقديره: الذي قال له أشدّ، وقال يونس: علق عنها الفعل وارتفعت بالابتداء {أولى بِهَا صِلِيّاً} الصلي: مصدر صلى النار، ومعنى الآية: أن الله يعلم من هو أولى بأن يصلى العذاب.


{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}
{وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} خطاب لجميع الناس عند الجمهور، فأما المؤمنون فيدخلونها، ولكنها تخمد فلا تضرهم، فالورود على هذا بمعنى الدخول كقوله: {حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا واردون} [الأنبياء: 89]، {أَوْرَدَهُمُ النار} [هود: 98]، بمعنى القدوم عليها كقوله: {وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ} [القصص: 33]، والمراد بذلك جواز الصراط وقيل: الخطاب للكفار، فلا إشكال {حَتْماً} أي أمراً لا بدّ منه {ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا} إن كان الورود بمعنى الدخول، فنجاة الذين اتقوا بكون النار عليهم برداً وسلاماً، ثم بالخروج منها، وإن كان بمعنى المرور على الصراط فنجاتهم بالجواز والسلامة من الوقوع فيها {أَيُّ الفريقين خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} الفريقان هم المؤمنون والكفار، والمقام اسم مكان من قام، وقرئ بالضم من أقام، والنديّ المجلس، ومعنى الآية: أن الكفار قالوا للمؤمنين: نحن خير منكم مقاماً: أي أحسن حالاً في الدنيا، وأجمل مجلساً فنحن أكرم على الله منكم.


{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ} كم مفعول بأهلكنا، ومعنى الآية: رد على الكفار في قولهم المذكور: أي ليس حسن الحال في الدنيا دليلاً على الكرامة عند الله، لأن الله قد أهلك من كان أحسن حالاً منكم في الدنيا {هُمْ أَحْسَنُ} قال الزمخشري: هذه الجملة في موضع نصب صفة لكم {أثاثا} أي متاع البيت، وقال ابن عطية: هو اسم عام، في المال العين والعروض والحيوان، وهو اسم جمع، وقيل هو جمع، واحده أثاثه {وَرِءْياً} بهمزة ساكنة قبل الياء: معناه منظر حسن، وهو من الرؤية، والرئي اسم المرئي، وقرئ بتشديد الياء من غير همز، وهو تخفيف من الهمز، فالمعنى متفق، وقيل هو من ريِّ الشارب أي التنعم بالمشارب والمآكل، وقرأ ابن عباس زيا بالزاي.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8